مقالات ومشاركات

كيف نتعامل مع المتقاعد ؟

لاشك أننا في حاجة إلى معرفة الكيفية الصحيحة للتعامل مع المتقاعد في مجتمعنا ، وإن كانت هذه الكيفية غير محددة في نمط معين من التعامل إذ إن لكل متقاعد حالته الخاصة وظروفه المعينة التي تفرض على من حوله كيفية التعامل المناسبة له . ولكن يمكن الحديث بصفة عامة عن هذا الشأن ، فنقول : لا بد للأسرة التي ينتمي إليها المتقاعد أن تدرك أنه في حاجة إلى شيء من المراعاة ولاسيما في بداية فترة تقاعده حيث جرت العادة أن يصيب فئة كبيرة من المتقاعــدين شيء من الهــــم والقلق الناتج عن شعــــور هـــــــــم ( الخاطئ) بأنهم أصبحوا هامشيين ، وأن المجتمع قد لفظهم وأنهم يمثلون عبئاً اجتماعياً على أسر هم ومجتمعهم معللين ذلك بأنه لم يعد في حاجة إليهم, على الأسرة أن تراعي ان هذا المتقاعد يحتاج إلى شيء من اللطف في التعامل ، والدعم النفسي الأسري لغرض امتصاص بعض التوتر الذي عادة ما يعاني منه المتقاعد في هذه المرحلة الانتقالية عن طريق العمل على عدم إشعاره بالفراغ وأن يحرص أفراد الأسرة من الأبناء والبنات والأحفاد والأقارب على الإكثار من السؤال عنه والاقتراب منه ، زيارته قدر المستطاع ، حيث أشارت بعض الدراسات الي أن لمثل هذا السؤال ونحوها من الزيارات وقعاً طيباً وأثراً فاعلاً في نفس المتقاعد ولاسيما إذا كان ممن يعانون من بعض المتاعب الصحية . وهنا لا بد من الإشارة إلى أن طريقة التعامل مع المتقاعد خلال هذه المرحلة الجديدة على قدر كبير من الأهمية والحساسية و( غالباً ) ما تحدد للمتقاعد ما إذا كان دوره قد انتهى أو أنه لا يزال قادراً على العطاء . كما أن من أهم المسؤوليات الاجتماعية – التي تشترك فيها مختلف المؤسسات الاجتماعية – تجاه المتقاعدين أن توفر بعض المرافق المناسبة والملائمة التي يمكن أن تقدم خدمات خاصة بالمتقاعدين ، والتي منها علي سبيل المثال : أندية المتقاعدين التي يفترض أن توجد في كل مدينة ، وهي مطلب اجتماعي هام ولازم وبخاصة في هذا العصر إذ أنها تعمل على استقبالهم وتلبية مطالبهم ، وعمل الأنشطة الثقافية المناسبة وتنظيم الرحلات والزيارات القصيرة وعقد الأمسيات واللقاءات التي تجمعهم بنظرائهم وتسمح لهم بصرف جزء من أوقاتهم فيما يريحهم نفسياً ويخرجهم من عزلتهم وكآبتهم ويمنحهم الثقة بأنفسهم وبمن حولهم ، ويحفظ لهم مكانتهم . أما الكيفية التي يجب أن يتعامل المتقاعد من خلالها مع وضعة الجديد بعد التقاعد ، فيمكن الإشارة إليها بعموميات تبدأ بضرورة معرفة واقع الحال الذي يفرض على الإنسان تهيئة نفسه لمرحلة ما بعد التقاعد وعدم الاستسلام للفراغ القاتل بدعوى الراحة فليست الراحة الاشتغال بشيء من مهام الحياة ولذلك فقد أوصت بعض الدراسات بأن على المتقاعد أن يحاول إشغال وقته بهواية معينة أو عمل ما مهما كان يسيراً بحيث يتمكن من الخروج من البيت ، وقضاء بعض الوقت في ممارسته والأنشغال به ولاسيما أن النفس البشرية ( في الغالب ) تأبى الشعور بالهامشية والفراغ . فكم هو جميل أن يخصص المتقاعد جزءً من وقته اليومي لحفظ كتاب الله العظيم أو ما تيسر منه إن لم يكن حافظاً له من قبل أو مراجعته إن كان حافظاً وهنا يمكن الإشارة إلى أن الحفظ والمراجعة يمكن أن تتم عن طريق السماع للتلاوات المسجلة إذا لم يكن الإنسان قارئاً . وكم هو رائع أن يكثر المتقاعد من أداء العمرة في مكة المكرمة وزيارة مسجد النبي محمد في المدينة المنورة والمتابعة بينهما إذا كانت صحته ووضعه المادي يسمحان بذلك وكم هو حسن أن يحرص المتقاعد على حضور بعض الدروس العلمية والحلقات في المساجد ليزداد علماً وفقهاً في الدين ويتبع لذلك الإكثار من بعض العبادات التطوعية التي يتقرب بها إلى الله تعالى من محافظة على ذكر الله تعالى وصلة الرحم ورد المظالم وارتياد مجالس الصالحين والصيام التطوعي والصدقة والإحسان إلى الآخرين ونحو ذلك ، وكم هو مبدع أن يخصص المتقاعد جزءاً من وقته اليومي للمطالعة الحرة وارتياد المكتبة إذا كان ممن يحبون القراءة ويحرصون على الاطلاع . وكم هو ممتع أن ينظم المتقاعد جزءاً من وقته ليشتمل على برنامج ثابت يقوم من خلاله بالتواصل مع الزملاء والأصحاب والأقران والأقارب ، والجيران ونحوهم من خلال الزيارات المتبادلة والاتصالات الهاتفية ونحو ذلك . وكم هو مفيد أن ينشغل المتقاعد ببعض الأعمال التجارية اليسيرة كالبيع والشراء من خلال مكاتب العقار أو أنواع التجارة الحرة الممكنة أو من خلا ل معارض السيارات ونحو ذلك من الأعمال التي لا مشقة فيها والتي تتناسب ووضعه الصحي والمالي, وكم هو نافع جداً أن يتعاون المتقاعد مع بعض الجمعيات الخيرية أو التعاونية أو مراكز التنمية الاجتماعية لإفادتهم بخبراته المختلفة في بعض الأنشطة التي يقدمونها للمجتمع . وهكذا تتعدد الفرص ويمكن للمتقاعد أن يتكيف مع وضعه الجديد الذي ربما كان فيه الخير والأجر والثواب مصداقاً لما ورد عن أحد السلف أنه كان يقول : اللهم اجعل آخر اعمالنا خواتمها واجعل ثوابها الجنة . والله نسأل أن يوفقنا جميعاً لصالح القول ، وجميل العمل ، وحسن الخاتمة ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

كتب : حمير الغفاري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى