الإستثمارات والإحتياطات

أهمية تفعيل استثمار فائض أموال التأمينات الاجتماعية في اليمن

مقدمة

)يقصد بالتأمينات الاجتماعية هنا صندوقي التأمينات لموظفي الدولة والقطاع الخاص وصندوقي التقاعد لوزارتي الداخلية والدفاع(

  تأتي أهميه استثمار أموال صناديق التأمينات الاجتماعية نظراً لأنها تعد من أهم  الصناديق الادخارية لذا فهي مطالبة بإعادة استثمار هذه الأموال لخدمة المجتمع بما يحقق أهداف الصناديق الأساسية وأهداف التنمية الاجتماعية، والاقتصادية للدولة بشكل عام إلى جانب ضرورة الحفاظ على القيمة الحقيقية للأموال وتجنيبها مخاطر التآكل نتيجة التضخم كما يشجعها على الاستثمار قيام الحكومات بإعفاء أموال التأمينات الاجتماعية من الضرائب مما يتيح فرصة رفع عائدات الاستثمار أكثر من أي فرد أو مؤسسات تدفع ضرائب على عائدات الاستثمار.
وإذا لم تقم الصناديق باستثمار فائض أموالها فأن ذلك يؤدي إلى نتائج سلبية على الدولة والمجتمع ، فعدم استثمار الأموال  يؤدي إلى أن تكون الاشتراكات اللازمة لتمويل الصناديق  كبيرة وبالتالي تحميل الحكومة والعمال وأرباب الأعمال أعباء مالية مرهقة وقد تنقل هذه الأعباء إلى المستهلكين في شكل ارتفاع في أسعار المنتجات كما يعد إطار لحماية موازنة الدولة من مخاطر عجز الصناديق عن دفع منافع التأمينات وضمان استمرارية قدرتها على صرف المنافع  ولتقديم خدمات ومزايا إضافية تعود بالنفع على المؤمن عليهم.
ويمكن التعرف على البنية الإدارية التي تضطلع بمهام الاستثمار في الصناديق كما يتضح من الجدول التالي:
جدول يبين مقارنة لبيانات الاستثمار بين الصناديق بناءً على بيانات 2004م

البيان

الهيئة

المؤسسة

صندوق الداخلية

صندوق الدفاع

توفر إدارة عامة للاستثمار

لا يوجد

يوجد

لا يوجد

لا يوجد

توفر إدارة استثمار

يوجد

يوجد

يوجد

لا يوجد

وجود لجنة للاستثمار

لا يوجد

لا يوجد

لا يوجد

لا يوجد

نسبة المشاركة في أذون الخزانة

66%

44.4%

87.8%

100%

نسبة المشاركة في الودائع بالدولار

33%

48.5%

نسبة الاستثمار في المشاريع الاقتصادية

0.4%

1%

1.8%

نسبة الاستثمار في رأس المال البشري

 ( الاجتماعي )

6%

8.8%

قروض نقدية

0.7%

1%

1.6%

       المصدر : تكوين الباحث

يتضح من خلال الجدول السابق عدم مراعاة توفر البنية الإدارية اللازمة لإدارة الأنشطة الاستثمارية بالصناديق إلى جانب غياب لجنة الاستثمار والتي يفترض أن تحتوي على المختصين في شئون الاستثمار، وتركيز استثمارات الصناديق في المجالات المتوفرة في البنك المركزي مما يعكس عدم وجود سياسة استثمارية واضحة للصناديق كما أن السياسة الحكومية تحدد الفرص الاستثمارية من خلال حصر الاستثمارات في جوانب محددة والتي تتركز بشكل رئيسي في السندات الحكومية ( أذون وودائع ) وبنسبة لا تقل عن (89%) وتصل إلى (99% و100%) في نصف الصناديق، ورغم قلة الاستثمارات في المجالات الاجتماعية والاقتصادية إلا معظمها أثبت الفشل لعدة أسباب منها:

  –        تتم وفقاً لقرارات حكومية لا تخضع لدراسة الجدوى الاقتصادية والاجتماعية

  –        سوء إدارة الاستثمارات

        عدم توفر المهارات الإدارية .

 

مجالات استثمار أموال صناديق التأمينات

جدول يبين مجالات استثمار أموال جميع الصناديق لعام 2004م

نوع النشاط الاستثماري

المبلغ

النسبة

سندات حكومية ( أذون خزانة ، ودائع بالدولار)

  183.087.137.171

 %97.5

مساهمة في الشركات (حصص مشاركة)

     2.915.150.000

%1.6

قروض

     1.127.959.257

%0.6

استثمارات عقارية

        599.415.002

%0.3

الإجمالي

  187.729.661.430

%100

       المصدر : تكوين الباحث .

يتضح من الجدول السابق تركز استثمارات الصناديق في السندات الحكومية وبنسبة (97.5%) ، بينما لم تتجاوز الاستثمارات في المجالات الأخرى عن (2.5%) فقط مما يعرض الصناديق لمخاطر كبيرة لمخالفة المبادئ الضرورية لاستثمار فائض أموال التأمينات وهي : (ضمان قيمة الاستثمار  ، الربح أو العائد الملائم ، السيولة ، المنفعة الاقتصادية والاجتماعية ، توقيت الاستثمار ، التنوع)

استثمار الصناديق في أذون الخزانة

جدول يبين مشاركة الصناديق في مزادات أذون الخزانة مقارنة بالجهات الأخرى بتاريخ 31/12/2004م

الجهة المشاركة

القيمة الفعلية لأذون الخزانة

نسبة المشاركة

صناديق التأمينات

128.635.127.277

47%

البنوك

93.856.071.632

34%

المؤسسات

40.257.781.173

14%

القطاع الخاص وأفراد الجمهور

12.976.748.857

5%

الإجمالي

275.725.728.939

100%

                   المصدر : البنك المركزي اليمني ، مذكرة موجهه لرئيس الحكومة رئيس لجنة السندات    برقم (103721) وتاريخ 1/1/2005م

.يتضح من خلال الجدول السابق أن صناديق التأمينات تستثمر في أذون الخزانة بنسبة (47%) من إجمالي المبالغ المطروحة للاستثمار وتبلغ هذه النسبة (97.5%) من إجمالي فائض الأموال المستثمرة من قبل الصناديق.

وقد نشأت أذون الخزانة بغرض تحقيق الأهداف التالية :

        تمويل عجز الموازنة العامة

        امتصاص السيولة من السوق النقدية لتخفيف التضخم

حيث يعتبر الدين العام مصدراً مهما من مصادر تمويل التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة و غالباً ما تلجأ الحكومات إلى الاقتراض لتمويل عجز الميزانية وتمويل مشاريع البنية الأساسية،  وخاصة في ظل ارتفاع معدل النمو السكاني الذي يصل في اليمن إلى (3.2%) سنوياً مما يفرض متطلبات كثيرة لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان والمتمثلة في الغذاء، والسكن، والتعليم، والصحة، والعمل…الخ

إلا أن نسبة مشاركة الأفراد والقطاع الخاص محدودة جداً تصل إلى (5%) مما يؤدي إلى عدم فعالية الأذون في توزيع الدخل ، ونسبة مشاركة الصناديق المرتفعة تزيد من احتمال تعرضها للمخاطر عند عدم رغبة الحكومة في تمويل العجز، وعدم حاجتها لاستيعاب أموال الصناديق ، وهناك من يرى بأن أسوئ مجال لاستثمار أموال التأمينات عند استخدامه لسد عجز الموازنة العامة وقد يؤدي إلى كارثة قومية.

والتحذير من توجه الدولة في استعمال أموال الصناديق في أغراض استهلاكية أو لسد عجز موازنتها مما يبعد استثمار الأموال عن غاية تطوير القدرة الإنتاجية للاقتصاد ويمنع الحصول على معدل الاستثمار المناسب .

كما أن استمرار اعتماد الصناديق على الأذون في استدامتها يسبب عدم الاهتمام بالبحث عن فرص استثمارية في القطاع الحقيقي وخاصة في ظل ارتفاع العائد المحصل من الأذون و يفقد الصناديق فرصة الحصول على الخبرة في مجالات الاستثمار الأخرى الاقتصادية و الاجتماعية والتي تؤدي إلى توفير فرص عمل والحفاظ على الموارد البشرية وتحقيق التنمية الاجتماعية .

وهناك أهمية كبيرة لاستثمار فائض أموال الصناديق في مجالات أخرى مثل بناء المساكن و الاستثمارات الحقيقية الأخرى بما يحقق الفائدة للمجتمع والصناديق حيث اتضح من خلال البيانات الأولية لتعداد 2004م أن نسبة الزيادة في عدد المساكن تقل عن حجم الزيادة العددية والنسبية في عدد السكان مما يظهر الحاجة إلى زيادة عدد المساكن فقد وصل متوسط عدد أفراد الأسرة إلى (7.1) كما بلغ عدد الأفراد في المسكن الواحد (6.8) ،  واستمرار الطلب للمساكن بسبب ارتفاع معدل النمو السكاني والهجرة من القرى إلى المدن وتفكك الأسرة الكبيرة وكثرة الأسر النواة وغيرها من الأسباب التي تجعل من السكن حاجة ملحة وخاصة مع قلة عرض المساكن من قبل القطاع الخاص لذوي الدخل المحدود،  والذي يأخذ السكن من دخلهم ما يقارب (70%-80%) مما يشجع في توجه الصناديق إلى الاستثمار في بناء المساكن.

ونجاح الصناديق في استثمار فائض أموالها في المجالات التنموية يتطلب توفر مناخ استثماري ملائم بما يساعد على نجاح دورها و تخفيف أعداد الفقراء ويخلق فرصاً ووظائفاً للسكان، ويحسن مستوى معيشتهم   إلا أن الدراسات التي تناولت مناخ الاستثمار في اليمن أكدت بأن هناك الكثير من الأسباب والمعوقات التي تكبح تطور النشاط الاستثماري والتي ظهرت بفعل البنى الهيكلية الضعيفة للاقتصاد اليمني ، وركاكة البنى المؤسسية للدولة وعدم القدرة على أحكام السيطرة وتطبيق القوانين النافذة في البلاد وغيرها من الأسباب،  إضافة إلى غياب الأسواق المالية والتي تحقق الكفاءة العالية في توجيه وتوظيف الموارد الاقتصادية المتاحة ،ومما يزيد من فاعلية رأس المال ويسهم في تنمية وتطوير الفكر المؤسسي .

مما يتطلب استثمار أموال الصناديق بناء على القواعد الأصولية المعترف بها عالمياً لاستثمار أموال التأمينات، والابتعاد عن الاستثمار في المجالات الخطيرة،  كما أن اتباع خطة استثمارية مدروسة ومتطورة يؤدي إلى تخفيف عوامل التضخم وتأثيرها على منافع التأمينات وأموال الصناديق والحفاظ على استمرارية القيمة الحقيقية للأموال.

ومن المبادرات الإصلاحية في مجال استثمار فائض أموال صناديق التأمينات ، مقترح بإنشاء كيان استثماري مشترك لموارد الصناديق مقدم من الدكتور القدير عبدالملك حجر بأسم ( مجلس تنسيق استثمار موارد صناديق التقاعد )، وقد جاء المقترح بغرض تلافي تعرض المراكز المالية للصناديق إلى هزات خطيرة ، قد تحدث من جراء تقليص الاستثمارات في أذون الخزانة من قبل الدولة والتي تعتمد عليها الصناديق بشكل رئيسي ، بالإضافة إلى الخوف من تعرض الأموال لمخاطر التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية ، وما يمكن أن يترتب على ذلك تحمل الدولة لمشكلة عجز الصناديق .

ويهدف المقترح إلى إنشاء الكيان لتحقيق الكثير من المزايا مثل : تنوع مجالات الاستثمار ، توزيع المخاطر ، الدخول في مشاريع ضخمة منافسة للقطاع الخاص ، التخلص من أسلوب الإدارة الحكومية، وتوزيع الأعباء الإدارية بين الصناديق .

ومما لاشك فيه أن إنشاء هذا الكيان ورفده بالكوادر المؤهلة ذات الخبرة وإدارته بأسلوب علمي بعيداً عن الضغوط السياسية والإدارة الحكومية يمكن أن يقوي مراكز الصناديق المالية وبالتالي تحسين أوضاع المستفيدين، وتحقيق التنمية الاجتماعية بشكل عام من خلال زيادة معدل النمو الاقتصادي، وتوفير فرص عمل وبالتالي تخفيف نسبة البطالة والفقر .

مما يبين أن الاستثمار بالنسبة لصناديق التأمينات سيف ذو حدين فهو من جانب يساعد في تخفيف العجز الإكتواري على المدى الطويل وكذلك تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن جانب آخر يتسم بالخطورة لانخفاض خبرة إدارة الصناديق في مجال الاستثمار ومدى ملائمة البيئة الاستثمارية في البلاد المناسبة لنجاحه، مما يستلزم وجود سياسة استثمارية واضحة كما ينبغي أن تركز إستراتيجية الاستثمار نحو المخاطر وأن تتسق الإستراتيجية مع أهداف التمويل وبعيدة عن التأثيرات السياسية وتشخيص الواقع الاجتماعي، والاقتصادي الداخلي للدولة، وتوفير إدارة لديها الكفاءة، ودعم من الحكومة، ومشاركة شعبية فعالة .

التوصيات

·   إنشاء إدارات بالصناديق تختص بإدارة الأنشطة الاستثمارية ورفدها بالكوادر المؤهلة واستكمال بنيتها التنظيمية والقانونية.

·   الاستعانة بالخبرات من خارج الصناديق بما يخص الجانب الاستثماري .

·  عدم المساهمة في المشاريع الاقتصادية، والاجتماعية بدون دراسة جدوى، وإيقاف التدخل الحكومي بالزام الصناديق في تغطية حصة الحكومة في المشاريع من أموال الصناديق ما لم تكن هناك دراسة جدوى سابقة، ومشجعة للاستثمار وبما يتوافق مع خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة.

·  التوجه نحو استثمار فائض أموال الصناديق في القطاع الحقيقي مثل الاتصالات، والإسمنت، والبترول، والغاز وغيرها من للمشاريع التي أثبتت نجاحها ، مما سيساعد على توفير فرص عمل جديدة وتحقيق عائد كبير يدعم المركز المالي للصناديق، ويفعل دورها في تحقيق التنمية الاجتماعية ، مع ضرورة تنويع مجالات الاستثمار بغرض تقليل المخاطر .

·   ضرورة الاستثمار في مجال توفير المساكن للمؤمن عليهم من ذوي الدخل المحدود.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى